
أهلي
لليوم الثاني على التوالي، تتواصل وتيرة الضربات الجوية والصاروخية بين إسرائيل وإيران، إثر “ضربة استباقية” شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس الجمعة ضدّ أهداف نووية وشخصيات عسكرية إيرانية.
جاء هذا التصعيد عقب تحذيرات دولية أبرزها من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حول إمكانية توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية للمواقع النووية في إيران. في المقابل، أكدت القوات المسلحة الإيرانية أن ردها على إسرائيل “لا حدود له” بعد “تجاوزها كل الخطوط الحمراء”، وشنت بالفعل عدة رشقات بالصواريخ الباليستية على إسرائيل.
في خضم هذه التطورات، تساءل كثيرون عن تأثيرها المحتمل على أذرع إيران في المنطقة، وبالأخص جماعة الحوثي في اليمن، وما الموقف الذي ستنتهجه الجماعة ردًا على الهجوم الإسرائيلي “المدمّر” على حليفتها الأم (إيران) وهو ما ناقشه “بران برس” في هذا التقرير مع عدد من الباحثين اليمنيين والعرب.
تأثير متعدد
الباحثة المصرية في الشأن الإسرائيلي الدكتورة إيمان بخيت أحمد، تتوقع أن تؤثر هذه الحرب على جماعة الحوثي من عدة جوانب أهمها: الدعم العسكري الذي تقدمه لها إيران.
وقالت "بخيت" في حديث لـ“بران برس”، إن إيران تتعرض ليس فقط لمجرد هجمات عابرة، بل هي حرب مفتوحة وغير واضح مداها أو كيف ستنتهي. وبالتالي، سيكون هناك تغيير في خطوط الإمدادات العسكرية الإيرانية للحوثيين مما سيحد من قدرتهم على القيام بأي عملية عسكرية، خاصة أن الضربات الإسرائيلية التي سبق وتعرّضوا لها حدت كثيرًا من قدراتها العسكرية وبنيتها التحتية.
وأضافت أن الأوضاع حتى الآن ضبابية، ولا يمكن التنبؤ بما قد تنجم عنه، وكيف ستؤثر فعليًا على حلفاء إيران، خاصة جماعة الحوثي.
واستبعدت تورط جماعة الحوثي نفسها في هذه الحرب حاليًا. وتتوقع أن الجماعة ستنتظر حتى تتضح ما ستؤول إليه الأمور، وإذا شاركت ستكون مشاركتها محدودة وغير فعالة إلى حد كبير.
وأشارت إلى أن الأمور حالياً آخذة في التصعيد ليس في إيران فقط، ولو واستمرت إسرائيل في حربها سيصبح الإقليم بالكامل في خطر الانجرار إلى حرب مفتوحة.
دور محدود
من جانبه، قال الباحث الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، الدكتور مأمون أبو عامر، تأثير هذا النزاع على جماعة الحوثي “يعتمد على مدى التأثير النهائي أو الصورة النهائية للهجوم الإسرائيلي في المرحلة الحالية”.
وأضاف "أبو عامر" في حديثه لـ“بران برس”: “إذا حدث لإيران ضربه قويه لن تكون قادره على النهوض منها فهذا سيؤثر على قدرات الحوثي، وتطوير سلاحه أو حيازة الأسلحة خاصة الصاروخية أو المنظومة أو الطائرات المسيّرة”.
وتابع: ربما نقلت إلى الحوثي تكنولوجيا فيقوم بالتصنيع لكنها تحتاج إلى تطوير دائم وهذا لا يملكه الحوثي، وبالتالي إيران هي الأقدر على هذا الدعم، ولذلك لا يمكن الحسم حاليًا، وهذا يعتمد على نتائج جولة المعركة.
وعن موقف الحوثي تجاه ما يجري، توقع أنه “سيتصرف بحذر، وسيحاول دعم الموقف الإيراني بإطلاق الصواريخ والطيران المسيّر فهو لا يمتلك أكثر من هذا”. مرجحًا أن الحوثي “سيستهدف إسرائيل، وربما يتطور الأمر إلى إغلاق معابر أو منافذ مائية قادم الأيام. ولا أعتقد أن الأمر سيتجاوز إطلاق الصواريخ والمسيرات”.
وعن مسألة الانتقام، يعتقد أن “قدرات الحوثي ليس بهذه الدرجة من القدرة لينتقم لإيران. مضيفًا: إذا إيران لم تنتقم لنفسها فكيف يستطيع الحوثي الذي يتلقى الدعم منها الانتقام.
وإجمالًا، يعتقد أن الحوثي سيدعم إيران، ولن يظهر أنه يتحدى أمريكا وإسرائيل؛ لأنه إذا كانت إيران لم تنجح في التصدي لضربه فلن يكون الحوثي قادرًا في هذا الأمر. لكنه ربما يتشجع حسب قدرات الصمود الإيرانية وقدرتها على الرد والهجوم. حاليًا الأمور تعتمد على ما ستفرج عنه الأيام ورد الفعل الإيرانية في الساعات والأيام القادمة.
تأثير كبير
بدوره، يرى المحلل السياسي اليمني، أحمد هزاع، أن التأثير سيكون كبير جداً كون الداعم الرئيس للحوثيين هي إيران، سواء كان لوجستياً أو بالسلاح أو الدعم السياسي.
وقال هزاع، لـ“بربان برس”، إن الكثير وجد أن إيران تحولت إلى بُعبُع إعلامي فقط بعد تعرضها لضرب إسرائيلي مكثف دون أي رد منها، مضيفًا أن هذا الأمر سيحدث هزه كبيره في أوساط اليمنيين، ويؤثر سلباً على الحوثيين.
ويرى أن جماعة الحوثي ستحاول الظهور بأنها غير مرتبطة بإيران لمحاولة إيصال فكره أنها قوة منفصلة، لكنه يرى عكس هذا فـ“الناس يعرفون جميعاً أنه لولا إيران ما حصلت على السلاح والدعم”.
وأضاف أن الجماعة “ستحاول تخفيف الضغط على نفسها بزعم عدم ارتباطها بإيران، ولكن سيكون تأثير كبير جداً، ومن ضمن التأثيرات قد تتنازل عن شروط مسبقه في عمليه السلام أو تقبل بحلول سياسية مع الحكومة الشرعية”. مشيرًا إلى أن ردة فعل الحوثيين ستظهر في الأيام القادمة حتى وإن حاولوا إخفاء ما يحدث.
رد ضعيف
عن ردة الفعل الحوثية تجاه ما يحدث، قال هزّاع، أن “الحوثي عباره عن أداة من أدوات إيران، ولن تنتقم. وليس لديها ما تقوم به إلا إرسال بعض الصواريخ التي يتم إسقاطها في أجواء إسرائيل.
ويرى أن الجماعة “ستحاول إثبات وجودها، وأنها حليف قوي للإيرانيين عبر إطلاق بعض الصواريخ أو الطائرات المسيرة كمجاراة للوضع... لكن ستكون رد ضعيف جداً لن يذكر أمام ما قامت به إسرائيل في إيران”.
انكشاف إقليمي
أما رئيس مركز تهامة للدراسات والتنمية، مرزوق الغرباني، فيرى أن الآثار تتجلى في “سقوط هيبة ما يُعرف بمحور المقاومة، وتزايد المخاوف من تغيّر أولويات إيران باتجاه الداخل، إضافة إلى المخاطر المتزايدة التي تهدد بإسقاط نظام الملالي ما يجعل جماعة الحوثي مكشوفة إقليميًا، ويفقدها الكثير من الدعم العسكري واللوجستي”.
وقال "الغرباني" في حديثه لـ“بران برس”، إن هذه التطورات تشكل صورة جديدة ضاغطة على الجماعة، مرجحًا أنها قد تفتح احتمالات لانقسامات داخلية وسقوط من الداخل، والصدام بين تيار يرجّح خيار السلام غير المشروط، وآخر يسعى لتعزيز التحصينات الداخلية بإعادة التحالف مع قيادة الداخل في حزب المؤتمر ورموز قبلية في الشمال.
أبعاد الموقف الحوثي
لفت "الغرباني"، إلى الموقف الحوثي الأخير تجاه الأحداث الجارية الذي تضمّنه بيان المكتب السياسي للجماعة. وقال إن هذا البيان لا يرقى إلى مستوى مواقف سابقة اتخذتها الجماعة، خاصة قبل الاستلام الأخير للرسائل الأمريكية. حينها كان الحوثي يعلن بوضوح عدم نيته القيام بأعمال عسكرية دفاعية أو هجومية لصالح إيران.
وأوضح أن الموقف الحوثي الأخير يعكس بعدين: المواربة السياسية في التصريحات، بانتظار تقييم إيران للموقف واتخاذ قرار الرد. ومحاولة استباقية لامتصاص أي حملات ضده، وترويج نفسه كبديل محتمل لقيادة الشيعة في العالم، وهو ما يعكس حالة من تضخم الدور الذاتي داخل الجماعة.
وأشار إلى أن “هذا التوجه قد يدفع الحوثي إلى اتخاذ خطوات إضافية لتحصين الجبهة الداخلية، والاعتماد على المناورات السياسية، دون التورط في أي عمل عسكري قد تكون تبعاته قاتلة”.
وحول مدى استعداد الحوثي للمشاركة في الرد الانتقامي لطهران، يرى الغرباني، أن هذا يرتبط بعدة عوامل أبرزها: تقييم الموقف النهائي وتوجيهات طهران. ومدى تحقيق أي مصالح استراتيجية تخدم بقاء الحوثي، وتعزيز صورته كطرف مؤهل لوراثة دور القيادة الشيعية في الإقليم.