
رغم الإشارات الاقتصادية الإيجابية في الأسابيع الأخيرة، ظل مؤشر الأسهم الأميركية ستاندرد أند بورز (S&P 500) يتحرك ببطء قرب أعلى مستوياته التاريخية، إذ قُيدت شهية المستثمرين بفعل مخاوف متزايدة من تضخم أسعار الأسهم وسط تصاعد الغموض العالمي، وفقاً لما لاحظت شبكة بلومبيرغ في تقرير لها اليوم السبت.
وهذه المخاوف تحوّلت إلى واقع مساء أول من أمس الخميس، عند انطلاق عدوان إسرائيل على إيران وما ينتج عنه من تبادل للغارات وإطلاق الصواريخ في اتجاه البلدين، ما هدد بتفجر حرب أوسع في الشرق الأوسط الذي يشهد أصلاً توتراً طويل الأمد جراء العدوان على غزة. ونتيجة لذلك، قفزت أسعار النفط بنسبة وصلت إلى 14% أمس الجمعة، فيما ارتفعت عوائد السندات الأميركية لأجل 10 سنوات بعد أربعة أيام من الانخفاض، وصعد مؤشر التقلب "VIX" فوق مستوى 20.
أما سوق الأسهم الأميركية القلق، فقد حافظ على هدوئه النسبي حتى نهاية التداولات، حين اشتد الضغط البيعي ليُغلق "ستاندرد أند بورز 500" على انخفاض بنسبة 1.1%. ومع ذلك، وبعد أسبوع من التقلّبات، أنهى المؤشر الأسبوع من دون تغيير يُذكر، ولا يزال أقل من 3% من أعلى مستوى له على الإطلاق.
وفي هذا الصدد، تنقل بلومبيرغ عن كبير استراتيجيي الأسهم والتحليل الكمي في Evercore ISI، جوليان إيمانويل، قوله: "لا نتوقع أن يبلغ المؤشر ذروة جديدة في عام 2025؛ بل ربما ينتظر حتى عام 2026. نعتقد أن المخاطر الحالية، من توتر الشرق الأوسط، والرسوم الجمركية، والتشريعات المرتقبة، ستجعل الصيف فترة مليئة بالتقلب حتى تبدأ حالة الغموض بالتراجع، وعندها سنرى قمماً جديدة".
ورغم التوترات، لا يبدو أن المستثمرين يشعرون بالذعر حتى الآن؛ إذ يُظهر مؤشر توقّع الارتباط بين أكبر 50 شركة في المؤشر خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، أدنى مستوياته منذ فبراير، ما يشير إلى أن تحركات الأسهم أصبحت أقل تأثراً بالعوامل الاقتصادية العامة وأكثر ارتباطاً بأدائها الخاص.
كان من المفترض أن يسجل المؤشر قمة جديدة هذا الأسبوع قبل أن تتصاعد أحداث الشرق الأوسط. فقد أظهرت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين والمنتجين أن التضخم تحت السيطرة، وشهدت مزادات السندات إقبالاً قوياً، وبدأت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بالتراجع. ومع ذلك، لم يتحرك المؤشر كثيراً، بل انخفض يوم الأربعاء رغم صدور تقرير تضخم كان شبه مثالي.
كما تنقل بلومبيرغ عن كبير استراتيجيي الاستثمار في Piper Sandler، مايكل كانترويتز، قوله: "لقد قام السوق بتسعير معظم المخاطر بالفعل في الشهرين الماضيين، لذلك لم يعد هناك دافع قوي للارتفاع حتى بعد تقارير تضخم إيجابية، خصوصاً مع استمرار القلق من أن تأثير الرسوم الجمركية لم يظهر بعد".
الأسهم الأميركية والتطورات التجارية والعسكرية
وتشير الشبكة الأميركية إلى أن المخاوف من المستقبل، سواء من حروب تجارية أو عسكرية، تجعل وول ستريت متشككة حيال الارتفاع الأخير في السوق، ولهذا ظل المؤشر عالقاً دون القمة. وبحسب بنك أوف أميركا، فإن عملاءه المؤسسيين باعوا الأسهم لخمسة أسابيع متتالية، وهو أطول خط بيعي حتى الآن هذا العام، ويُعد الأكبر في قاعدة بيانات البنك منذ عام 2008.
وحول هذه النقطة، قال سمير سامان من "ويلز فارغو" (Wells Fargo Investment Institute)، "إنه وضع (اشترِ الإشاعة، وبِعِ الخبر)، والسوق استهلك كل الإشاعات الإيجابية، من التجارة والتضخم والاقتصاد إلى الأرباح والذكاء الاصطناعي. الآن، دخلنا مرحلة بيع الأخبار". وحتى المستثمرون الكبار المتفائلون يترددون في الشراء عند هذه الأسعار، خاصة مع غياب الوضوح من واشنطن. فوفقاً لدويتشه بنك، فإن تموضع كبار مديري الأصول في الأسهم حالياً هو عند مستويات تاريخية منخفضة، إذ كان أقل من ذلك فقط 28% من الوقت منذ 2010.
