
أعادت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، تأكيد إدانة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، لأي تصعيد عسكري في المنطقة، مؤكدة التزام الدول الأعضاء بعدم استخدام القوة ضد سلامة أراضي أي دولة أو استقلالها السياسي، داعية إسرائيل وإيران إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنب الانزلاق إلى صراع إقليمي أعمق وأوسع، كما عبّرت عن قلق الأمم المتحدة للضربات التي تعرضت لها المنشآت النووية الإيرانية.
واستعرضت المسؤولة الأممية خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي في نيويورك بطلب من إيران لنقاش الهجمات الإسرائيلية على طهران، الوقائع على الأرض بما في ذلك شن الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات على إيران واستهداف مقرات للحرس الثوري وقواعد عسكرية ومنشآت نووية ومناطق سكنية، وإطلاق نحو 100 طائرة مسيرة باتجاه إسرائيل، وكذلك الرد الإيراني مساء الجمعة على القصف الإسرائيلي.
وأشارت المسؤولة الأممية كذلك إلى اعتماد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الخميس، قراراً "أعربت فيه عن "أسفها العميق لعدم تعاون إيران الكامل مع الوكالة، على الرغم من النداءات المتكررة من مجلس محافظيها والفرص العديدة المتاحة".
غروسي يستعرض الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية
وقدم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، كذلك إحاطته أمام المجلس، قائلاً إن المنظمة الدولية على "اتصال دائم مع هيئة تنظيم الطاقة النووية الإيرانية للتأكد من حالة المنشآت النووية ذات الصلة، ولتقييم أي آثار أوسع على السلامة والأمن النوويين"، وأضاف "أكدت إيران في البداية، أن منشأة نطنز فقط تعرضت للهجوم بمُسيّرات. تحتوي هذه المنشأة محطة تخصيب الوقود ومحطة تخصيب الوقود التجريبية. في نطنز، الجزء فوق الأرض من محطة تخصيب الوقود التجريبية، حيث كانت إيران تنتج اليورانيوم المخصب حتى 60٪ من اليورانيوم 235، تم تدميره".
وأشار إلى "تدمير البنية التحتية للكهرباء في المنشأة ومحطة الكهرباء الفرعية ومبنى إمداد الطاقة الكهربائية الرئيسي وإمدادات الطاقة الطارئة والمولدات الاحتياطية". ولفت الانتباه إلى عدم وجود ما "يشير إلى تعرض الجزء الجوفي الذي يحتوي على جزء من محطة تخصيب الوقود التجريبية، ومحطة تخصيب الوقود الرئيسية، لهجوم. ومع ذلك، ربما يكون انقطاع التيار الكهربائي عن الشلال قد ألحق الضرر بأجهزة الطرد المركزي هناك. وظل مستوى النشاط الإشعاعي خارج موقع نطنز ثابتاً عند مستوياته الطبيعية، مما يشير إلى عدم وجود أي تأثير إشعاعي خارجي على السكان أو البيئة نتيجة لهذا الحدث".
ولفت الانتباه كذلك إلى أن السلطات الإيرانية أبلغت المنظمة الدولية بشن "هجمات على منشأتين أخريين، هما منشأة فوردو لتخصيب الوقود، ومنشأة أصفهان، إذ يقع مصنع لتصنيع صفائح الوقود، ومنشأة لتحويل اليورانيوم، ومحطة طاقة أوروبية مخصبة (...) لا تتوفر لدينا معلومات كافية تتجاوز الإشارة إلى وقوع نشاط عسكري حول هذه المنشآت أيضاً".
مواقف الدول
من جهته، وصف مندوب روسيا، فاسيلي نيبنزيا، قائلاً "ما يحدث خطير للغاية وذلك بسبب الأفعال الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن المجلس كان من المفترض أن يناقش في جلسته الوضع في غزة والكارثة الإنسانية، "ولكن بدلاً من ذلك نناقش كارثة أخرى سببتها إسرائيل". وشدد على أن هذا الهجوم الإسرائيلي يخالف ميثاق الأمم المتحدة، معبراً عن إدانة بلاده الهجمات الإسرائيلية.
وشدد نيبنزيا على أن مسؤولية التصعيد تقع على عاتق الجانب الإسرائيلي، وأن الهجمات الإسرائيلية تهدف إلى تقويض المحادثات بين إيران والولايات المتحدة حول الملف النووي الإيراني. وحمّل المسؤولية للدول الغربية التي تواصل نشر "هستيريا إيران". ورأى الدبلوماسي الروسي أن إيران استمرت ولسنوات بالتعاون من المنظمات الدولية ذات الصلة في الوقت الذي انسحبت فيه الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، مشدداً على أن الولايات وفرنسا وألمانيا على علم بتلك الضربات وأن الحملة الغربية استمرت لأشهر، وختم كلمته بتأكيد ضرورة التهدئة.
أما مندوب الجزائر، عمار بن جامع، فقال إن بلاده حذرت منذ مدة طويلة من أفعال إسرائيل، مشيراً إلى أن عدوانها غير مبرر ويمثل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وذكّر برفض إسرائيل الانضمام لمعاهدة خلق شرق أوسط خال من الأسلحة النووية، متسائلاً في الوقت ذاته حول توقيت الهجمات.
وشدد على أن إسرائيل تدفع نحو الفوضى في الشرق الأوسط بأكمله "فهي تكرر أعمالها العدوانية بما فيها قصف العاصمة اللبنانية واحتلال أراضٍ جديدة في سورية واختطاف المدنيين فضلاً عن الإبادة في غزة، وحتى استخدام التجويع سلاحَ حرب أمام أعين العالم". ووصف إسرائيل بالدولة المارقة.
بدوره، وصف المندوب الصيني الهجمات الإسرائيلية بأنها تتخطى الخطوط الحمراء، فيما عبّر مندوب كوريا الجنوبية عن قلق بلاده من زيادة إيران لنسبة تخصيب اليورانيوم بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
واشنطن تهدد بعواقب وخيمة على إيران حال استهداف أميركيين
وتحدث نيابة عن الولايات المتحدة في مجلس الأمن، ماكوي بيت، وهو مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية. ووصف ما قامت به إسرائيل بـ"الإجراء أحادي الجانب"، مدعياً "أن جمهورية إيران الإسلامية، ومنذ تأسيسها، كانت قد دعت إلى تدمير إسرائيل مما أدى إلى عدم الاستقرار والضرر في المنطقة". وشدد على عدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي، مؤكداً أن بلاده كانت على علم مسبق بالهجمات دون أن تشارك بها.
وحذر من استهداف إيران للمصالح الأميركية أو العسكرية أو الموظفين الأميركيين، قائلاً "لا يمكن لأي حكومة أو طرف مستقل أو عميل أن يستهدف المواقع الأميركية والمواطنين في المنطقة وتبعات ذلك على إيران ستكون وخيمة"، مشدداً على ضرورة أن تبرم إيران صفقة نووية. وقال إن بلاده ستواصل السعي لتسوية سلمية وضمان ألا تمتلك إيران قط أسلحة نووية.
أما مندوب إيران للأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، تحدث عن هجمات اسرائيلية منسقة ضد بلاده لمرافق عسكرية ومدنية وللبنية التحتية. ووصف الهجوم الإسرائيلي على عسكريين وعلماء بـ"البربري". كما وصفه بإرهاب الدولة. وحذر من عدم تحرك الأمم المتحدة ومجلس الأمن والوكالة الدولية بالرغم من تحذيرات إيرانية سابقة حول نوايا إسرائيل، مما "يقلل من مصداقية وسلطة هذه المؤسسات".
وقال المندوب الإيراني "إن صمت المؤسسات هو الذي شجعها. إن الهجوم على موقع نووي يخضع للضمانات الدولية ويهدد بإمكانيات وقوع كارثة نووية تتجاوز إيران والمنطقة وتعرض ملايين الأشخاص للخطر". وحمّل الولايات المتحدة المسؤولية كذلك عما يحدث بسبب دعمها لإسرائيل. وشدد على ضرورة أن تنزع كل أسلحة الدمار الشامل من المنطقة بما فيها الإسرائيلية.
كما شدد على أن ما قامت به إسرائيل "يعد إعلان حرب (...) ويهدف إلى زعزعة الاستقرار"، داعياً مجلس الأمن إلى ضرورة التحرك بحزم. وأضاف "أعتمد مجلس الأمن عام 1981 قراراً ندد فيه بالهجوم العسكري الإسرائيلي على المفاعل النووي العراقي (...) ورأى بذلك انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وطلب المجلس بأن تمتنع (إسرائيل) عن القيام بمثل هذه الأعمال مستقبلاً. ولو نفذ المجلس هذا القرار وجرت المساءلة لما استمرت إسرائيل بممارساتها، الوضع الحالي هو نتيجة عقود من المعايير المزدوجة وعدم المحاسبة عن الانتهاكات". وأكد حق بلاده "بالدفاع عن نفسها بموجب المادة الـ51 من ميثاق الأمم المتحدة. سترد إيران على نحو حازم ومتناسب مع أعمال العدوان هذه بالوسيلة التي تختارها". وطالب المجلس بالتنديد ومساءلة إسرائيل والتحرك لوقف ذلك.
