
بجانب المعاناة والمشاكل الكثيرة التي يعاني منها أهالي مخيم برج الشمالي في جنوب لبنان، يشكو الأهالي امتلاء المقبرة الوحيدة في المخيم، في وقت باءت مساعيهم لإيجاد حلول بالفشل
يعيش حوالي 22 ألف لاجئ فلسطيني في مخيم برج الشمالي الواقع شرق مدينة صور، جنوبي لبنان، ومعظمهم من قرى شمال فلسطين، وقد هُجّروا من بلادهم عام 1948. عدا الأزمات الاقتصادية المتتالية التي يعيشها أهالي المخيم، برزت مشكلة دفن الموتى في المقبرة الخاصة به، فاختار الأهالي اللجوء إلى مقبرة تجمع المعشوق في مدينة صور التي تبعد حوالي كيلومترين عن المخيم.
وحاول الأهالي شراء قطعة أرض إلى جانب المقبرة الموجودة في المخيم، كما كانت هناك محاولات من قبل الفصائل الفلسطينية مع الدولة اللبنانية لإيجاد قطعة أرض جديدة، لكنها باءت بالفشل، وعادت المشكلة لتتصدر المشاكل الموجودة في المخيم.
ويقول محمود الجمعة، وهو من سكان مخيم برج الشمالي: "لم تبق مساحة كافية كي ندفن موتانا في المقبرة الحالية التي حصلنا عليها منذ أكثر من عشرين عاماً هبةً من رئيس مجلس النواب نبيه بري. حاولنا مجدداً علنا نحصل على قطعة أرض إضافية، لكن ذلك لم يتحقق. بذلنا جهوداً من خلال التواصل مع عدد من النافذين، ثم لجأنا إلى مسؤول اللجان الشعبية في لبنان عبد المنعم عوض في ذلك الوقت، وأخبرنا بأن القضية سهلة ومن الممكن حلها. في وقت لاحق، كنا نأمل أن تُحل من خلال رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي، لكن الأحداث جاءت معاكسة لرغباتنا".
يتابع الجمعة: "طرحنا مبادرة جديدة مؤخراً على مستوى المخيم، تتمثل في جمع تبرعات من الأهالي، والتوجه إلى أهلنا في دول الاغتراب للمساهمة في هذه الحملة وشراء قطعة أرض. وبذلت جهود من خلال تشكيل لجان على مستوى الأحياء في المخيم، على أن تُشكَّل لجنة من كل حي كي تكون جميع اللجان صاحبة المبادرة. وفي الوقت الذي نسعى في هذا الاتجاه، تبلغنا من منظمة التحرير الفلسطينية بأن السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور سيبادر إلى رصد مبلغ من المال لاستخدامه لصالح مشروع المقبرة، إلا أن المبلغ غير كاف. لكن سيجرى التواصل مع الداخل الفلسطيني لاستيفاء كامل المبلغ، ونتابع الموضوع حالياً وننتظر الرد على أمل أن يتحقق الهدف المنشود".
يضيف: "نأمل معالجة هذه القضية، وهي جزء من قضايا أهلنا وهمومهم في مخيم برج الشمالي الذي يحتاج إلى كل الأيادي البيضاء، كي تخفف عنه معاناته المزمنة في الكثير من الجوانب الحياتية اليومية"، لافتاً إلى أن مخيم برج الشمالي من أفقر المخيمات في لبنان.
من جهته، يقول العضو في اللجنة الشعبية أبو محمد المقيم في مخيم برج الشمالي: "نسبة الفقر في المخيم تفوق 70%، ويعتمد أهالي المخيم على الزراعة للحصول على قوت يومهم. ويعيش في المخيم حوالي 22 ألف نسمة على مساحة كيلومتر واحد، كما يعيش فيه حوالي ثلاثة آلاف نسمة من الفلسطينيين النازحين من سورية. واليوم، بسبب المساحة الصغيرة للمقبرة في المخيم، بتنا نعاني بسبب عدم وجود أماكن لدفن موتانا، وقد عانينا من هذه المشكلة من قبل. وخلال شهرين، قد تمتلئ المقبرة بشكل كامل، ولن يعود في إمكاننا دفن موتانا. في السابق، توسعنا في المقبرة وبنينا حائطاً، لكن اليوم لم يعد باستطاعتنا فعل ذلك. كما أننا كنا ندفن موتانا في مقبرة تجمع المعشوق، وهذا الأمر كان يسبب لنا معاناة كبيرة، لأن المقبرة تبعد حوالي ثلاثة كيلومترات عن المخيم، حتى إن مقبرة المعشوق أغلقت بشكل كامل".
يتابع أبو محمد: "كان هناك اقتراح لقطعة أرض تابعة لمنظمة التحرير، وهي بعيدة عن مقبرة المعشوق، لكن أهالي المخيم رفضوا هذا الاقتراح لبعدها عن المخيم". كما يوضح أنه "على مقربة من المخيم قطعة أرض تبلغ حوالي 11 دونماً وتقع في وادٍ، والبناء فيها غير ممكن، فطرحنا شراءها، وتواصلنا مع المعنيين في السفارة الفلسطينية، وتحرك الأهالي للحصول على هذه الأرض. وجرى التواصل مع قيادة رام الله عن طريق السفارة، وحصلنا على وعود لكننا حتى اليوم لم نصل إلى هدفنا، ولم نستطع شراء الأرض لدفن موتانا".
ويقول: "أطلقنا مبادرة لجمع التبرعات من أهالي المخيم ومن المغتربين من أبناء المخيم من أجل شراء قطعة أرض. وبالفعل، بدأنا جمع التبرعات لكننا لم نستطع جمع المبلغ كاملاً، ونحن في السابق وعدنا بأن تدفع معنا المنظمة ثمن قطعة الأرض، لكننا لم نحصل على المبلغ، وبدأ موضوع المقبرة يتفاقم ولم نعد نعلم ماذا سنفعل".
ويُعتبر برج الشمالي من أفقر المخيمات الفلسطينية في لبنان، إذ يعمل ثلثا سكانه في الزراعة والبناء، وقد بلغت البطالة معدلات عالية جداً. ويعتمد الكثير من العائلات على تحويلات الأقارب في الخارج.
