
تُظهر البيانات الرسمية أن ثلاث دول فقط هي الإمارات وتركيا والصين، تستحوذ على أكثر من 70% من واردات إيران للخارج، فيما عجز الميزان التجاري الإيراني مستمر. وبحسب تقرير استراتيجي صادر عن مركز أبحاث البرلمان الإيراني، فقد شهد النصف الأول من العام المالي الماضي بلوغ قيمة واردات إيران نحو 33.09 مليار دولار، بينما بلغت الصادرات 25.9 مليار دولار، ما أسفر عن تسجيل عجز تجاري قدره 7.16 مليارات دولار، وهو أسوأ رصيد تجاري نصف سنوي تحققه البلاد خلال السنوات الأخيرة، وفق ما أوردت وكالة فارس الإيرانية المحافظة، أمس الاثنين.
وأشار التقرير إلى أن الميزان التجاري الإيراني يسجّل اتجاهاً هبوطياً منذ 2021، مع ازدياد الفجوة السنوية في العجز، إذ بلغ 2.6 مليار دولار في عام 2022، و6.33 مليارات في 2023. ويعود هذا العجز المستمر إلى عوامل عدّة، منها ارتفاع أسعار المستوردات، انخفاض قيمة الصادرات، والتقلبات الحادة في سعر الصرف. ويأتي هذا العجز التجاري المستمر فيما يواجه المواطن الإيراني ظروفاً معيشية بالغة الصعوبة منذ نحو ستّ سنوات، نتيجة أزمات اقتصادية متتالية تضاعفت حدتها مع العقوبات الأميركية المفروضة على البلاد منذ عام 2018، إثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.
وتستهدف العقوبات الأميركية المشدّدة ركائز الاقتصاد الإيراني، وفي مقدمتها المصادر الأساسية للحصول على النقد الأجنبي، وعلى رأسها الصادرات النفطية التي تمثل الشريان الحيوي للاقتصاد الوطني. ورغم أن إيران ما تزال قادرة على بيع أكثر من مليون برميل من النفط يومياً، إلّا أنها تواجه صعوبات جمة في تحويل عائدات تلك الصادرات بالنقد الأجنبي، نتيجة تعرض القطاع المصرفي الإيراني لعقوبات شاملة، ما يدفع البلاد أحياناً إلى اعتماد أسلوب المقايضة في بيع النفط وتجاوز القيود المالية المفروضة عليها.
وقد بيّن التقرير البرلماني الإيراني أن متوسط سعر كل طن من الصادرات الإيرانية في 2023 بلغ نحو 362 دولاراً، بينما كان متوسط سعر كل طن مستورد 1689 دولاراً. وفي عام 2024، انخفضت نسبة قيمة الصادرات إلى الواردات إلى 0.2، ما يعني أن قيمة الصادرات الإيرانية تمثّل خُمس قيمة الواردات.
أرقام تجارة إيران تظهر ضعف الصناعة
وتظهر هذه الأرقام ضعف الصناعة الإيرانية في إنتاج سلع ذات قيمة مضافة عالية، واستمرار اعتمادها على تصدير المواد الخام. ومن النقاط اللافتة في التقرير أيضاً استمرار التركيز الكبير على الشركاء التجاريين؛ فالإمارات والصين وتركيا استأثرت بأكثر من 70% من واردات إيران، كما تبرز الصين والعراق والإمارات بوصفهم أكبر مستوردي السلع الإيرانية. وحسب تقرير مركز البحوث للبرلمان الإيراني، فإن هيمنة هذه الدول على الاقتصاد الإيراني يجعله عرضة لصدمات سياسية أو اقتصادية أو تجارية من هذه البلدان.
في جانب الصادرات، تصدرت سلع مثل الغاز الطبيعي، والمنتجات البتروكيماوية، والصلب، والمعادن قائمة الصادرات الإيرانية. في المقابل، شملت قائمة الواردات المواد الأساسية والاستراتيجية، مثل الذرة، والذهب، والهواتف المحمولة، والآلات الصناعية، والأدوية. وعلى سبيل المثال، ارتفعت واردات إيران من الذرة من 1.6 مليار دولار في 2017 إلى 3.9 مليارات دولار في 2023، ما يعكس اعتماداً كبيراً على استيراد الأعلاف الحيوانية والدواجن.
وبناءً على أحدث الإحصائيات، بلغ حجم التجارة غير النفطية لإيران خلال السنة الإيرانية الماضية (من 21 مارس/ آذار 2024 إلى 21 مارس 2025) حوالى 130 ملياراً و219 مليون دولار، مسجلاً نمواً بنسبة 11.39%. ومن هذا المجموع، بلغت قيمة الصادرات غير النفطية 57 ملياراً و844 مليون دولار (لا تشمل صادرات النفط والكهرباء والخدمات الهندسية والتجارة عبر الحقيبة)، فيما سجلت الواردات 72 ملياراً و375 مليون دولار، بزيادة بلغت 15.62% و8.22% على التوالي مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وبلغت صادرات إيران من المنتجات البتروكيماوية في السنة الماضية 61.644 مليون طن بقيمة 24.914 مليار دولار، بزيادة 27% في الوزن و28% في القيمة. أما أهم السلع التصديرية فهي الغاز الطبيعي (6.866 مليارات دولار)، البروبان السائل (3.635 مليارات دولار)، والبيوتان السائل (2.211 مليار دولار). أما الدول السبع الأكثر استيراداً للسلع الإيرانية فكانت الصين (14.854 مليار دولار)، العراق (11.941 مليار دولار)، الإمارات (7.201 مليارات دولار)، تركيا (6.889 مليارات دولار)، باكستان (2.423 مليار دولار)، أفغانستان (2.414 مليار دولار)، والهند (1.899 مليار دولار).
على صعيد الواردات، احتلت السلع التالية المراتب الأولى: الذهب الخام (8.051 مليارات دولار)، الذرة العلفية (2.978 مليار دولار)، والهواتف الذكية (2.402 مليار دولار). وشملت الواردات الكبرى أيضاً الصويا، وبذور الصويا، والأرز وقطع غيار السيارات، أما أبرز الشركاء التجاريين في الاستيراد فكانوا حسب الترتيب، الإمارات (21.981 مليار دولار)، الصين (19.325 مليار دولار)، تركيا (12.474 مليار دولار)، ألمانيا (2.430 مليار دولار)، الهند (1.747 مليار دولار)، هونغ كونغ (1.394 مليار دولار)، وروسيا (1.350 مليار دولار).
