هكذا تحايلت إسرائيل إعلامياً في التعامل مع السفينة المختطفة "مادلين"
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

تشير تقديرات إسرائيلية إلى أن دولة الاحتلال نجحت إلى حد كبير في التعامل مع سفينة أسطول الحرية "مادلين"، التي كانت متّجهة إلى قطاع غزة، قبل اعتراضها فجر اليوم الاثنين من قبل جيش الاحتلال واقتيادها إلى ميناء أسدود، وعلى متنها 12 ناشطاً مدافعاً عن حقوق الإنسان، وذلك من خلال التحايل الإعلامي، وتوثيق لحظات لتوزيع المياه والشطائر من قبل قوات الاحتلال على الناشطين، وتوجيه الأنظار من السيطرة على السفينة واختطاف طاقمها، إلى "المعاملة" الإنسانية بدلاً من استخدام القوة.

ومنذ ابحارها من إيطاليا، مطلع شهر يونيو/حزيران الحالي بدأ سلاح البحرية استعداداته لاعتراض السفينة، وتدرّب على عدة سيناريوهات محتملة، مع الحرص على تجنب إثارة اهتمام إعلامي كبير بها، في وقت هدد فيه وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، النشطاء الموجودين على متنها، بأنه وجّه الجيش الإسرائيلي لاتخاذ "أي إجراء ضروري" لمنع وصول القافلة إلى قطاع غزة. وزعم في بيان، أن "دولة إسرائيل لن تسمح لأحد بانتهاك الحصار البحري المفروض على غزة، والذي يهدف إلى منع نقل الأسلحة إلى حماس"، مضيفاً، "من الأفضل لغريتا تونبرغ (ناشطة مكافحة تغيّر المناخ) ورفاقها أن يعودوا أدراجهم، لأنهم لن يصلوا إلى غزة".

وذكر موقع واينت العبري أن جيش الاحتلال تمكن من إيصال رسالة استراتيجية، وأن إسرائيل صنّفت الأسطول من وراء الكواليس، كخدعة إعلامية، وقادت جهوداً لإدارتها، فضلاً عن قرار عرض فيلم لمشاهد تقول إنها من أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي من عملية طوفان الأقصى، التي نفّذتها حركة حماس. وكتب موقع صحيفة معاريف، أن التغطية الإعلامية التي رافقت اعتراض السفينة من قبل قوات الجيش الإسرائيلي، ترسم صورة مختلفة عن الماضي، إذ لم تفشل إسرائيل هذه المرة في حملتها الإعلامية، بل يبدو أن رسائل وزارة الخارجية الإسرائيلية قد وصلت وتم تبنيها، ولو جزئياً، من قبل وسائل إعلام رئيسية في الغرب.

ووصف "واينت" سيطرة جيش الاحتلال على السفينة بأنها كانت "سلسة وسريعة" من قبل قوات الكوماندوز البحري "شاييطت 13"، "دون وقوع إصابات". وأشار إلى أن "من بين الناشطين على متن السفينة، كانت ناشطة المناخ غريتا تونبرغ، التي ظهرت مبتسمة أمام كاميرات الجيش الإسرائيلي أثناء تلقيها صورة انتشرت لاحقاً في وسائل الإعلام العالمية. واللافت أن تونبرغ، المعروفة بأنها نباتية متشددة، تلقت من الجيش الإسرائيلي شطيرة بسطرمة".

وأفاد الموقع بأنه في هذه المرة، على عكس التعامل مع سفينة مرمرة عام 2010، "بدت إسرائيل مستعدة، حيث نفّذ الجيش عملية سيطرة دقيقة، وتم اتخاذ قرار مسبق بأن وزارة الخارجية ستكون الجهة المسؤولة عن التصريحات الإعلامية، وليس الجيش الإسرائيلي. وانعكس القرار الاستراتيجي لتقديم عملية السيطرة كحدث مدني وليس عسكرياً، في كل مرحلة، فجميع البيانات الصادرة كانت من وزارة الخارجية، حتى لو كان التوثيق من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي. كما تم تعيين مسؤول من وزارة الخارجية داخل غرفة عمليات المتحدث باسم الجيش، حيث تلقى المواد الإعلامية وقام بنقلها فوراً في الوقت الحقيقي (للأحداث)".

وعملت منظومة الدعاية الإسرائيلية، ووزارة الخارجية، والمتحدث باسم جيش الاحتلال من داخل غرف العمليات الإعلامية المشتركة، لتنسيق تدفق المعلومات إلى وسائل الإعلام العالمية. وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية على اتصال مستمر بحكومات الدول التي جاء منها الناشطون، "لضمان نقل الرواية الإسرائيلية في الوقت الفعلي ومنع التضليل الإعلامي". وفي الوقت ذاته، وثّق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عملية السيطرة "بالتفصيل، بما في ذلك لحظة توزيع السندويشات والمياه على المشاركين في الأسطول". وحرص جيش الاحتلال ومنظومة الدعاية الإسرائيلية، على أن يكون توزيع الشطائر، جزءاً من خطة مدروسة لتأكيد صورة إسرائيل "كقوة سيادية، هادئة ومتّزنة، تستجيب للاستفزازات بلباقة".

وتعاملت إسرائيل مع الأسطول على أنه خدعة إعلامية، مستغلة ما اعتبرته نقاط ضعف المنظمين. وأطلقت وزارة الخارجية الإسرائيلية، اسم "يخت السيلفي" و"يخت المشاهير" على السفينة، في إشارة إلى أن الناشطين عليه "قضوا معظم وقتهم في تصوير أنفسهم لوسائل التواصل الاجتماعي، بدلاً من القيام بعمل إنساني"، وترى أنها نجحت في ذلك.

ووفقاً لموقع "واينت"، فإن إسرائيل كانت محظوظة هذه المرة، إلى جانب التنسيق الجيد، إذ "كان الاهتمام الإعلامي العالمي بالسفينة محدوداً نسبياً، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن عناوين الأخبار الدولية في تلك الساعات كانت مركّزة على المواجهات العنيفة في لوس أنجليس (في الولايات المتحدة)". ولخص منشور لوزارة الخارجية الإسرائيلية في الساعة 4:25 من فجر الاثنين، عبر حساباتها على مواقع التواصل، ما حدث من وجهة نظر إسرائيلية. وجاء فيه: "جميع ركاب "يخت السيلفي" بخير وبصحة جيدة. تم تزويدهم بالسندويشات والمياه. العرض انتهى". وأضاف المتحدث باسم الوزارة، أورين مرمورشتاين: "نجحنا في توضيح للعالم أن الأمر كان مجرد استفزاز. تم تطبيق جميع الدروس المستفادة من حادثة مرمرة".

من جهته، أفاد موقع صحيفة معاريف بأن سفينة مادلين نجحت في إثارة اهتمام إعلامي دولي حتى قبل مغادرتها سواحل جزيرة صقلية الإيطالية، لكن التغطية الإعلامية التي رافقت اعتراضها من قبل قوات الجيش الإسرائيلي رسمت صورة مختلفة عن الماضي. هذه المرة، لم تفشل إسرائيل في حملتها الإعلامية، بل على العكس، يبدو أن رسائل وزارة الخارجية الإسرائيلية قد وصلت وتم تبنيها ولو جزئياً، من قبل وسائل الإعلام الرئيسية في الغرب، وفق الصحيفة. وأضافت: "كان القرار بترك وزارة الخارجية تتولى إدارة التصريحات الإعلامية صائباً، حيث إن المعركة الإعلامية لم تنتهِ بعد، لكن إسرائيل نجحت بالفعل في دخول المشهد وتقديم روايتها للعالم".

ولفت الموقع العبري إلى أنه في شبكات مثل "رويترز"، و"سكاي نيوز"، و"ذا غارديان"، ظهرت عناوين إخبارية تتحدث عن "اعتراض السفينة"، لكنها تضمنت أيضاً معلومات قدمتها وزارة الخارجية الإسرائيلية، مع استخدام واضح للصور التي نشرتها إسرائيل، بما في ذلك جنود إسرائيليون يقدمون المياه للنشطاء أو يقودون السفينة إلى ميناء أسدود. وذكر الموقع أنه في الماضي، كانت المبادرات الإعلامية الإسرائيلية تُعتبر غير متماسكة أو غير مُنسَّقة بشكل جيد، لكن هذه المرة، عملت وزارة الخارجية بسرعة وكفاءة، من خلال نشر مقاطع فيديو، صور رسمية، وبيانات إعلامية في الوقت الفعلي، مما جعلها تُعتمد على الفور تقريباً من قبل وسائل الإعلام العالمية.

وأشارت "معاريف" إلى أن العديد من العناوين الإخبارية، اختارت تقديم السفينة ليس فقط كمبادرة إنسانية، بل أيضاً كأداة دعائية، بما يتناسب مع الرواية الإسرائيلية. وساق مثالاً على ذلك، ما كتبه موقع سكاي نيوز، بأن الأمر يتعلق بـ"مشاهير حاولوا تلفيق استفزاز"، بينما ركّز تقرير "ذا غارديان" بشكل واسع على موقف وزارة الخارجية الإسرائيلية، الذي أوضح أن نحو 1200 شاحنة مساعدات دخلت غزة عبر الحدود الإسرائيلية في الأسبوعين الماضيين، مقارنة بـ"حمولة يخت واحد بالكاد"، حاول الوصول إلى القطاع. ويشير ذلك إلى استخفاف برمزية السفينة.

في المقابل، قال إنه إلى جانب الرسائل الإسرائيلية، ظهرت أيضاً أصوات ناقدة، بعضها من جهات لحقوق الإنسان، وأخرى من قبل النشطاء أنفسهم، الذين اعتبروا أن "اعتراض السفينة كان غير قانوني"، وأنه يشكل انتهاكاً لحق نقل المساعدات المدنية. ومع ذلك، وفق "معاريف"، لم يتم هذه المرة توجيه الاهتمام العالمي بشكل أحادي ضد إسرائيل، كما أن "الصورة الإنسانية التي سعت إسرائيل إلى نقلها قد تجاوزت، ولو جزئياً، حاجز الشك الإعلامي. وبعد سنوات من التحديات الإعلامية في الساحة الدولية، يُعتبر هذا إنجازاً مهماً لوزارة الخارجية الإسرائيلية والسياسات الإعلامية الإسرائيلية. ورغم هذا، لا تزال المعركة الإعلامية مستمرة، ولم يتم بعد تلخيص الحدث نهائياً".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية