بريطانيا تكافح "مجرمي النفايات": سجن ومصادرة وغرامات
عربي
منذ أسبوع
مشاركة

تمثل ظاهرة الإلقاء العشوائي للنفايات واقعاً متفاقماً تتضرّر منه المجتمعات والبيئة في المملكة المتحدة، ما دفع الحكومة إلى الإعلان عن جملة إجراءات جديدة لردع المخالفين، وتقليص هذه الجريمة البيئية 

تعهّد وزير البيئة البريطاني ستيف ريد بوضع حد للإفلات من العقاب الذي يتمتع به مَن وصفهم بـ"مجرمي النفايات"، في تصعيد لجهود التصدي لظاهرة تتفاقم منذ عقد، مؤكداً أن الحكومة لن تتسامح بعد اليوم مع ما سماه "السيل المتزايد من القمامة الذي يغرق المجتمعات".
جاء التصريح بالتزامن مع إعلان الحكومة خطة مشدّدة لمكافحة الإلقاء غير القانوني للنفايات، بعد أن أظهرت بيانات رسمية ارتفاع هذه الظاهرة بنسبة 22% خلال السنوات العشر الأخيرة، من بينها 6% خلال العام الأخير.
وتعاملت المجالس المحلية في إنكلترا خلال العام الماضي مع أكثر من مليون حادثة رمي نفايات عشوائية، بيد أنّها لم تصدر سوى 63 ألف غرامة، بانخفاض قدره 12 ألف غرامة مقارنة مع عام 2019، في ظل صعوبات تواجهها في مقاضاة المخالفين.
وتعتزم الحكومة فرض تراخيص إلزامية على كل من يجمع أو ينقل أو يتعامل مع النفايات، مع منح السلطات المحلية صلاحيات موسعة لمصادرة المركبات المستخدمة في المخالفات، وصولاً إلى عقوبات بالسجن في بعض الحالات.
وتستهدف هذه الإجراءات الأفراد والشركات الذين يعملون خارج الإطار القانوني، ويقومون بممارسات تضرّ بالبيئة والمجتمع، في وقت تُسجل فيه سنوياً آلاف الحالات، من بينها نحو 70 ألف حالة نفايات تجارية و62 ألفاً من مخلفات البناء و54 ألفاً لأجهزة منزلية.

وتسعى الحكومة كذلك إلى إزالة العوائق التنظيمية التي تحول دون مصادرة المركبات المتورطة في المخالفات، وتحميل أصحابها تكاليف سحبها وتخزينها في المستودعات بدلاً من أن تتحمّلها المجالس البلدية، وذلك ضمن إصلاحات مالية جديدة.
ويثمّن رئيس الشؤون الخارجية والاستدامة في شركة "سويز" لإعادة التدوير والاسترداد في المملكة المتحدة آدم ريد، التوجه الحكومي نحو تشديد الإجراءات لمكافحة جرائم النفايات، ويقول لـ"العربي الجديد": "النهج الاستباقي الذي تتبناه الحكومة يُعد خطوة بالغة الأهمية في مواجهة الأضرار المالية والبيئية الخطيرة الناتجة عن الإلقاء غير المشروع للنفايات. لا يمكن الحد من هذا النشاط غير القانوني إلّا من خلال استراتيجية مستدامة منسّقة ومتعددة الجهات".

ويشير ريد إلى أن "تشديد العقوبات لتشمل أحكاماً بالسجن، وتمكين السلطات من مصادرة المركبات المستخدمة في هذه الجرائم سيؤدي إلى رفع كلفة المخاطرة على المخالفين، فالمجرمون سيواجهون عواقب أكثر من مجرد غرامة بسيطة"، لكنّه يحذّر من أن "التحدي الأكبر يكمن في الوصول إلى الجناة، فالاعتماد على الطائرات المسيّرة وحدها لن يكون كافياً، وينبغي تطبيق نظام صارم لتتبع النفايات رقمياً، ما يتيح رؤية واضحة لحركتها، ويجعل من الصعب على المخالفين الإفلات من المحاسبة".
ويشدّد ريد، الحاصل على وسام الإمبراطورية البريطانية، على ضرورة أن يتحمّل المصنعون مسؤوليتهم تجاه مصير منتجاتهم عند نهاية دورة حياتها، من خلال توفير آليات فعّالة لإعادة الاستخدام أو التدوير، وضمان تسجيل كل خطوة ضمن نظام شفاف يمكن للجهات التنظيمية مراقبته، ما يُضيّق الخناق على الأنشطة غير المشروعة، ويمنع الإفلات من العقاب.
ويلفت إلى أهمية رفع وعي الجمهور، وجعلهم يدركون أنهم جزء من الحل، يقول: "مجرد مطالبة العامل أو الحرفي الذي يتولى نقل النفايات بإبراز رخصة صالحة يمكن أن يُحدث فارقاً كبيراً في منع تلك النفايات من أن تتحول إلى عبء على المجتمع والبيئة".

وتتكامل الإجراءات الحكومية الجديدة مع مطالب العاملين في القطاع، الذين ينادون بإصلاحات جذرية، وكشفت الحكومة عن دعم إضافي لوكالة البيئة لتعزيز قدرتها على التحقيق في جرائم النفايات عبر فحص الهويات والسجلات الجنائية للمشتبه بهم، وتمويل أدوات الرقابة وتطبيق العقوبات والغرامات.
ورحّب المدير التنفيذي لجمعية الخدمات البيئية (ESA)، جاكوب هايلر، بالتشديدات الجديدة، معتبراً أن "اشتراط الحصول على تراخيص سيسهم في منع المجرمين من التسلّل إلى قطاع إدارة النفايات، إذ لطالما تفشت الجريمة في هذا القطاع مهددةً المجتمعات والبيئة، ومقوّضة جهود إعادة التدوير. وتطالب جمعيتنا منذ سنوات بتشريعات أكثر صرامة، وتنفيذ فعّال، وهذه الخطوات تمثل تحركاً طال انتظاره في الاتجاه الصحيح".
ويُنتظر أن تؤدي الإجراءات الجديدة التي تشمل عمليات تفتيش واسعة وتدابير ردعية إلى تقليص الإغراق غير القانوني، وتعزيز ثقة الجمهور في منظومة إدارة النفايات، وتخفيف الأعباء البيئية والاجتماعية عن المجتمعات المتضرّرة، خصوصاً المجتمعات الريفية التي طالما دفعت الثمن البيئي والاجتماعي لهذه الظاهرة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية