
ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”
معهد الشرق الأوسط/ كتبته إليونورا أرديماجني
كان لوقف إطلاق النار في 6 مايو/أيار بين الولايات المتحدة وميليشيا الحوثي المدعومة من طهران في اليمن تأثير في ترسيخ ميزان القوى داخل الدولة التي مزقتها الحرب، كما عزز الوضع الراهن للحرب الأهلية في البلاد. في المقابل، تحمل نتائج الحرب التي تلت ذلك بين إسرائيل وإيران واستمرت 12 يوماً القدرة على زعزعة هذا الوضع الراهن مؤقتاً مرة أخرى؛ ولكن من غير المرجح أن يتمكن التحالف المناهض للحوثيين، الذي يعاني من التصدع، من استغلال هذه الفرصة.
إن توقف الحملة الجوية الأمريكية عالية الكثافة ضد الحوثيين في مايو/أيارر، والتي أطلق عليها اسم “عملية راف رايدر” (Operation Rough Rider)، قد صب في مصلحة الجماعة، مما أتاح لها الوقت لإصلاح الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية وإعادة تنظيم قواتها. في المقابل، قد يكون لوقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة والحوثيين عواقب سلبية على الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. والأهم من ذلك، أن الوضع بعد وقف إطلاق النار يقوض المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المدعوم من الإمارات — والموحد رسمياً مع الحكومة المركزية — والذي تعد قواته الأكثر قدرة على شن هجوم بري ضد الحوثيين. لا يعاني المجلس الانتقالي الجنوبي من سخط شعبي متزايد في عدن والمدن الجنوبية الكبرى الأخرى بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية فحسب، بل يرى أيضاً نفوذه مهدداً من قبل الفصائل المدعومة من السعودية في محافظة حضرموت الاستراتيجية.
فيما يتعلق بالمصالح الأمنية والبحرية للولايات المتحدة، فإن ترسيخ الوضع الراهن الناتج عن وقف إطلاق النار يمثل سيناريو غير مرضٍ لواشنطن على الإطلاق. فبينما كان الوضع مواتياً إلى حد كبير للحوثيين — على الأقل في الشهر الأول منذ 6 مايو/أيار — فقد دعم بشكل غير مباشر الانقسامات بين عدة مراكز للقوى المتنافسة في اليمن، على حساب تشكيل جبهة متماسكة قادرة على صد، أو حتى إضعاف، التهديد المستمر الذي تشكله الجماعة المتحالفة مع طهران. كان يمكن أن تكون للحرب الإسرائيلية-الإيرانية، التي انتهت بوقف هش لإطلاق النار في 23 يونيو، تأثير معاكس لفترة وجيزة: فمن المرجح أن يشهد الحوثيون انخفاضاً في إمدادات الأسلحة والمساعدات المادية الأخرى من إيران، مما يجبرهم على البحث عن بدائل. هذا الضعف قد يوفر فرصة قصيرة للقوات اليمنية المناهضة للحوثيين لمحاولة استعادة بعض الأراضي من الجماعة المسلحة. لكن التوقيت لا يمكن أن يكون أسوأ، نظراً للتفتت الحالي في المعسكر المناهض للحوثيين؛ وأي هجوم بري من هذا القبيل سيعتمد على الدعم الجوي من شركاء خارجيين، وهو ما لا يبدو أنه سيتحقق قريباً.

التأثير على الحوثيين: وقت للإصلاح والتجنيد والتوسع
بسبب وقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة، يمكن للحوثيين، التركيز الآن على ثلاث قضايا مترابطة، جميعها مفيدة لتعزيز وتوسيع سيطرتهم الإقليمية. أولاً، يمكنهم العمل على إصلاح الأضرار الناجمة عن الضربات الأمريكية والإسرائيلية على البنية التحتية الرئيسية للموانئ والمطارات في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون (في مقدمتها الحديدة والموانئ المجاورة في البحر الأحمر، إلى جانب مطار صنعاء الدولي) لتسهيل استئناف تدفقات الإيرادات وشحنات الأسلحة وإعادة تنظيم ونشر القوات عند الضرورة.
ثانياً، يمكنهم استغلال روايتهم عن “النصر عبر المقاومة” ضد الولايات المتحدة — كما فعلوا مع المملكة العربية السعودية بعد تدخلها العسكري في 2015-2022 — لزيادة التعبئة والتجنيد الداخلي. وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، ارتفع عدد مقاتلي الحوثي من حوالي 220,000 في عام 2022 إلى 350,000 في عام 2024، وهي زيادة يمكن أن تُعزى إلى حملة تجنيد باسم “طوفان الأقصى”، في إشارة إلى هجوم المقاومة الفلسطينية على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحرب إسرائيل اللاحقة على غزة. في هذا السياق، تخدم الضربات الصاروخية وبطائرات مسيّرة ضد إسرائيل تعزيز مكانة الحوثيين الإقليمية في نظر “محور المقاومة” الذي تقوده إيران وتستخدم لأغراض دعائية لدعم التجنيد الداخلي المستمر.
ثالثاً، يمكن أن يمكّن وقف إطلاق النار الحوثيين من تعميق استراتيجية ناشئة لـ “تنويع التحالفات”. اكتسبت الجماعة شهرة متزايدة منذ عام 2023 من خلال مهاجمة السفن في البحر الأحمر، وتهديد التجارة الدولية، ثم جلوسها ظاهرياً على طاولة المفاوضات مع قوة عظمى عالمية للتفاوض على هدنة. هذا جعل الحوثيين شريكاً مرغوباً فيه لمجموعة من اللاعبين الذين يشاركونهم، سواء من الناحية الأيديولوجية أو لاعتبارات استراتيجية، مشاعرهم المعادية للغرب: من الميليشيات الشيعية العراقية، وخاصة المقاومة الإسلامية في العراق، إلى الجهات المسلحة غير الحكومية في منطقة البحر الأحمر مثل حركة الشباب، إلى المنافسين الاستراتيجيين للولايات المتحدة مثل روسيا والصين. وقد استفاد الحوثيون أنفسهم من هذه الشهرة المتزايدة لاستكشاف شراكات جديدة موجهة نحو التهريب مع بعض هذه الجهات، بهدف تطوير مصادر وطرق بديلة للأسلحة والتمويل. كان هذا التنويع في الأصل يهدف فقط إلى استكمال علاقة الحوثيين مع إيران وبقية محور المقاومة؛ لكن من المرجح أن يكتسب أهمية استراتيجية أكبر في المستقبل بسبب عواقب الحرب الإسرائيلية-الإيرانية.
خلال 12 يوماً من الأعمال العدائية، التي بدأت في 12/13 يونيو/حزيران ألحقت إسرائيل أضراراً كبيرة بعدد من منشآت تخزين الأسلحة الإيرانية وقدرات إنتاج الصواريخ (كما فعلت سابقاً خلال هجومها على إيران في أكتوبر/تشرين الأول 2024) بالإضافة إلى استهداف مستودعاتها النفطية. لذلك، من المرجح الآن أن يتلقى الحوثيون أسلحة ومكونات صواريخ أقل، بالإضافة إلى وقود أقل من إيران، على الأقل في المدى القصير إلى المتوسط. على الرغم من أن الحوثيين قد طوروا بعض قدرات تجميع الأسلحة محلية الصنع، إلا أنهم يفتقرون إلى القدرة على إنتاج أنظمة أسلحة معقدة “بدون دعم أجنبي”، حيث يستمرون في الاعتماد على المكونات المهربة، وفقاً لدراسة للأمم المتحدة في أكتوبر 2024. وعلى هذا النحو، سيكون لدى الحوثيين الآن اهتمام أكبر بتطوير شراكات أجنبية جديدة — وحاجة ملحة للقيام بذلك.
التأثير على الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً: الجمود يفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية
لدى الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، التي تتخذ من عدن مقراً لها، ومجلس القيادة الرئاسي، هيئتها التنفيذية المكونة من ثمانية أعضاء والتي تأسست في عام 2022، الكثير لتخسره في سياق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين. يهدد توازن القوى الحالي بزيادة تأجيج الانقسامات الداخلية مع تصاعد الأزمة الاقتصادية في اليمن، حيث لا يزال رئيس مجلس القيادة الرئاسي المدعوم من السعودية، رشاد العليمي، غير قادر على ممارسة قيادة فعالة على جميع الأذرع المؤسسية والعسكرية للدولة. منذ توقيع الهدنة الوطنية بين الأطراف المتحاربة في اليمن (بما في ذلك السعودية والإمارات) في أبريل/نيسان 2022، تدهورت الأوضاع الاقتصادية بسرعة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وتفاقمت بسبب سوء الإدارة طويل الأمد على جميع المستويات الإدارية. لا تزال الهدنة قائمة، على الرغم من انتهاء صلاحيتها رسمياً في أواخر عام 2022. ولكن منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022، استغل الحوثيون الفرصة التي أتاحها توقف القتال لترسيخ وتعميق حصارهم على صادرات النفط الخام عبر الموانئ الجنوبية، مستخدمين بشكل فعال الإيرادات المفقودة كسلاح ضد خصومهم اليمنيين.
أدى استمرار حصار الحوثيين إلى خفض دخل حكومة عدن بشدة، حيث بلغت الخسائر ما يقدر بـ 7.5 مليار دولار (80٪ من الإيرادات) منذ عام 2022. وقد أدى ذلك إلى مزيد من التأخير في دفع رواتب القطاع العام، وتفاقم خدمات الرعاية الأساسية (التي تأثرت أيضاً بتخفيضات المساعدات الغذائية من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية)، ورفع معدل التضخم إلى أكثر من 30٪، وهو ما أثار احتجاجات عمالية. حيث وصلت المظاهرات الشعبية المدفوعة بالأزمة الاقتصادية إلى مدينة تعز التي تسيطر عليها الحكومة. علاوة على ذلك، أدت هذه الأزمة إلى تأجيج الخلافات العامة بين ممثلي الحكومة، الذين يلومون بعضهم البعض على حالة الطوارئ في محاولة لصرف الانتباه عن فضائح الفساد والصراعات الشخصية على السلطة. وتسبب هذه المشاحنات غير المجدية تأثير سلبي إضافي على تمويل المانحين.

التأثير على المجلس الانتقالي الجنوبي: خطر تآكل السلطة وسط الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية
الجهات الفاعلة اليمنية في الموقف الأقل تفضيلاً بعد وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين هي المجلس الانتقالي الجنوبي إلى جانب القوات الأخرى المرتبطة به والمدعومة من الإمارات في الجنوب. على الرغم من انضمام المجلس الانتقالي الجنوبي رسمياً إلى الحكومة المركزية في عام 2019، بعد توقيع اتفاق الرياض الذي أنهى اشتباكاتهما في عدن، فقد استمر في السعي لتحقيق أهداف انفصالية، هدفه النهائي هو -ما يصفه- باستعادة دولة يمنية جنوبية مستقلة. استخدمت الجماعة الانفصالية مشاركتها في مؤسسات الدولة لتعظيم قوتها الاقتصادية والعسكرية، مثل إعادة توجيه إيرادات الدولة لنفسها من منشآت ميناء عدن — ميناء النفط (عدن الصغرى) ومحطات الحاويات (المعلا) — التي تخضع لسيطرة قوات أمن المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى جانب بقية العاصمة بحكم الأمر الواقع. ولكن على مدى السنوات العديدة الماضية، أصبح مصدر القوة هذا نقطة ضعف.
ونظراً لأن المجلس الانتقالي الجنوبي كان يقوم بجمع الرسوم في عدن من الوقود المستورد، فقد وجد نفسه الأكثر تضرراً من التداعيات الاقتصادية والجيوسياسية لهدنة عام 2022. ومرة أخرى، كان هذا بسبب الحصار الذي فرضه الحوثيون على صادرات النفط الخام عبر الموانئ الجنوبية — بئر علي (محطة النشيمة/رضوم النفطية) في محافظة شبوة، والشحر (محطة الضبة النفطية) في حضرموت — والذي أضر بشكل أساسي بالمناطق الساحلية التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي بالإضافة إلى القوات الأخرى المدعومة من الإمارات والقريبة من الجماعة الانفصالية. وتفاقمت خسائر الإيرادات للسلطات المحلية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي بسبب حقيقة أنه منذ عام 2017، تفاوضت بعض المحافظات الجنوبية مع الحكومة المركزية للاحتفاظ بنسبة 20٪ من عائدات النفط والغاز المتاحة لأنفسها. وفي الآونة الأخيرة، أدى إعادة توجيه الشحنات التجارية من الموانئ التي يديرها المجلس الانتقالي الجنوبي، وخاصة عدن، إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون في البحر الأحمر (الحديدة، الصليف، رأس عيسى)، إلى زيادة الضغط على مالية المجلس الانتقالي الجنوبي.
في هذا السياق، اندلعت احتجاجات شعبية في أكبر المدن الجنوبية التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، لا سيما عدن والمكلا، اللتين تسيطر عليهما قوات الحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية على التوالي، وهما مجموعتان مسلحتان مدعومتان من الإمارات وتشكلان رسمياً جزءاً من جهاز الأمن والدفاع لكنهما تبقيان مستقلتين داخله. في عدن، ألقت احتجاجات نسائية غير مسبوقة باللوم على كل من المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية في أزمة الكهرباء، التي شملت انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 20 ساعة يومياً وسط ارتفاع درجات الحرارة. في 17 مايو/أيار، حظرت سلطات عدن المظاهرات العامة في المدينة. وفي 24 مايو/أيار تعرضت النساء اللواتي كن يتظاهرن سلمياً، مطالبات بتحسين الظروف المعيشية، للاعتداء من قبل مجندات من قوات الأمن التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مما يسلط الضوء على الصعوبات المتزايدة التي تواجهها السلطات المحلية في التعامل مع التداعيات الاجتماعية للأزمة الاقتصادية.
التأثير على القوات المدعومة من السعودية: فرصة لتوسيع النفوذ في المناطق الجنوبية
التهديد الآخر لموقف المجلس الانتقالي الجنوبي هو، إلى حد ما، جيوسياسي، حيث يجب على الجماعة المدعومة من الإمارات التعامل مع حزم متجدد بين القوات المدعومة من السعودية في جنوب اليمن. كما ذكر أعلاه، قلل وقف إطلاق النار من احتمالات شن هجوم بري يمني ضد الحوثيين، والذي كان سيعتمد على مشاركة جميع الفصائل الرئيسية المناهضة للحوثيين، وبدعم حاسم من الغطاء الجوي الأمريكي في شكل استمرار الضربات الجوية لواشنطن ضد أهداف الحوثيين. ولكن الآن، مع خروج الولايات المتحدة رسمياً من الحرب وفي غياب حملة مناهضة للحوثيين في الأفق، تُركت الجماعات المحلية الموالية للسعودية للتركيز على مزيد من النفوذ السياسي والعسكري في المناطق التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي. هذه الصراعات لها نطاق أوسع يمتد إلى ما وراء حدود اليمن. منذ هدنة عام 2022، عملت المملكة العربية السعودية على مواجهة مصالح المجلس الانتقالي الجنوبي (وراعيته الأجنبية، الإمارات) في الجنوب من أجل استعادة نفوذ أكبر في اليمن. لقد فعلت ذلك جزئياً من خلال دعم الجهات السياسية والعسكرية الموالية ذات الأهداف المناهضة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بما في ذلك مجلس حضرموت الوطني المؤيد للوحدة الوطنية وكذلك قوات درع الوطن (NSF)، التي تعمل كوحدات احتياطية مباشرة تحت إشراف رئيس مجلس القيادة الرئاسي. كما سعت الرياض إلى التواصل مع قيادات الشبكات القبلية المحلية، مثل نائب محافظ حضرموت والزعيم القبلي عمرو بن حبريش. تم تصميم الاستراتيجية السعودية لوضع المملكة في أفضل وضع ممكن في اليمن.
أولاً، تريد الرياض بشكل مثالي الحفاظ على التماسك الوطني لليمن وتدعم القادة المؤيدين للوحدة، كل ذلك ليكون لها رأي في القرارات السياسية والمؤسسية المستقبلية التي ستؤثر على البلاد ككل؛ لكنها أيضاً تعمل على تنمية شبكات النفوذ تحديداً في الجنوب في حال تأسيس دولة يمنية جنوبية انفصالية. ثانياً، يهدف السعوديون إلى وجود نفوذ على الجزء الحضرمي من حدود اليمن مع المملكة — الذي يسيطر عليه الجيش اليمني— لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وبالتالي، ليس من قبيل الصدفة أن قوات درع الوطن نشرت قوات في الشمال الغني بالنفط لتأمين معبر الوديعة الحدودي مع السعودية، لتحل محل تلك التي كان يشغلها الجيش اليمني.
يتزامن التواصل السعودي المتزايد مع خصوم المجلس الانتقالي الجنوبي المحليين مع تفاقم أزمة الكهرباء في محافظة حضرموت. في أوائل فبراير/شباط، قام بن حبريش المذكور أعلاه، الذي يرأس مؤتمر حضرموت الجامع، الجناح السياسي لتحالف قبائل حضرموت بنشر مقاتلين قبليين حول حقول النفط في شمال المنطقة، مما أدى إلى قطع شحنات النفط عن محطات توليد الكهرباء في عدن. هذه الخطوة، التي تهدف إلى ضمان بقاء موارد حضرموت محلية، كثفت مؤقتاً أزمة الكهرباء في عدن التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في المدينة. في مارس/آذار، استضاف وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان آل سعود بن حبريش في المملكة، مما يمثل أول اجتماع تم الإبلاغ عنه بين السلطات السعودية وشخصية قبلية لم تكن قائداً سياسياً يمنياً رسمياً. بعد الاجتماع، قال بن حبريش إن السعوديين كانوا “متجاوبين” مع المطالب السياسية والاقتصادية لتحالفه. في ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلن بن حبريش عن إنشاء جماعة مسلحة جديدة، هي قوات حماية حضرموت، ويحاول حالياً تجنيد مقاتلين بالإضافة إلى إنشاء معسكرات مسلحة في المحافظة، وهي مبادرة انتقدتها قبائل أخرى والمجلس الانتقالي الجنوبي.
التقييم: وقف إطلاق النار يرسخ موازين القوى ويؤجج الخصومات في المعسكر المناهض للحوثيين على حساب المصالح الأمنية الأمريكية
عندما يتعلق الأمر بميزان القوى العام للقوات اليمنية، فإن وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين قد أفاد الحوثيين قبل كل شيء. في العقد الذي تلا التدخل بقيادة السعودية في عام 2015، وعلى الرغم من حملة القصف الأمريكية الأخيرة لهزيمة وإضعاف قدرات الحوثيين، أظهرت الجماعة المدعومة من إيران صموداً مستمراً أمام الضربات الجوية وحافظت على قيادتها سليمة. مع تعليق الحملة الجوية الأمريكية، يمكن للحوثيين التركيز على إصلاح الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في المناطق التي يسيطرون عليها وكذلك “تسويق” وقف إطلاق النار للجمهور الداخلي والإقليمي على أنه “انتصار” ضد الأمريكيين. ومع ذلك، في أعقاب الحرب الإسرائيلية-الإيرانية، التي زادت من إضعاف موقف راعيهم الإقليمي الرئيسي الضعيف بالفعل، سيحتاج الحوثيون إلى التركيز بشكل أكبر على تنويع مصادر دعمهم المادي — وقد يدفعهم هذا نحو استئناف الهجمات البحرية. على وجه الخصوص، إذا لم يتمكنوا من إيجاد مصادر بديلة لواردات الوقود للتعويض عن الانخفاض المحتمل في التهريب من إيران، فقد يشنون هجوماً برياً للسيطرة على حقول النفط التي تسيطر عليها الحكومة في مأرب.
قلل وقف إطلاق النار الشهر الماضي من فرص شن هجوم بري يمني ضد الحديدة، الميناء الرئيسي على البحر الأحمر الذي يسيطر عليه الحوثيون، حيث إن النجاح سيكون غير مرجح بشكل خاص بدون غطاء جوي أمريكي. على العكس من ذلك، يمثل الجمود الداخلي الناجم عن وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين أخطاراً متعددة للحكومة اليمنية، وبشكل أكبر، للمجلس الانتقالي الجنوبي. كلاهما يواجه الآن التدهور السريع للظروف الاقتصادية في المناطق التي يسيطران عليها، والتي كانت بالفعل متوترة بسبب زيادة الاحتجاجات الشعبية، خاصة في المدن الكبرى التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي.
وبالتالي، يقوض وقف إطلاق النار بشكل غير مباشر المجلس الانتقالي الجنوبي، مما يجعل تحقيق أهدافه الانفصالية أكثر صعوبة بسبب مزيج من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، والحوكمة المحلية الفاشلة، والقوة المتنامية للخصوم. بعيداً عن الحوثيين، سيتمكن مركزا قوى متنافسان من الاستفادة من وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين وتأثيره في ترسيخ ديناميكيات القوة الداخلية في اليمن. الأول هو الجماعات السياسية والمسلحة التي تدعمها المملكة العربية السعودية في المناطق الجنوبية، وخاصة في حضرموت، لمواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي. يمكن لهذه الجهات استغلال صعوبات القوات المدعومة من الإمارات لتوسيع التحالفات المحلية، وربما زيادة الانتشار على الأرض، مستفيدة من المظالم المحلية وتطلعات الحكم الذاتي. الفاعل الثاني الذي تشجع هو تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (AQAP)، الذي يمثل له انعدام الأمن المتزايد والخصومات في الجنوب — بالإضافة إلى وعد الحوثيين بإنهاء هجماتهم على القوات الأمريكية — انقلاباً دعائياً وفرصة مفيدة لتعزيز التجنيد. الفيديو الأخير لزعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، سعد بن عاطف العولقي، الذي هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسبب حرب غزة ودعا إلى هجمات إرهابية فردية ضد قادة الخليج، يشير إلى أن الجماعة الجهادية قد تحاول تنشيط موقفها في اليمن والخارج.
المشاكل الحالية، وتدهور التوقعات على المدى القصير إلى المتوسط، تسلط الضوء على سبب تقبّل القوات المدعومة من الإمارات في أوائل عام 2025 لعملية برية يمنية ضد الحوثيين. أيد المجلس الانتقالي الجنوبي علناً الضربات الجوية الأمريكية؛ وأكد نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، الذي يقود جماعة المقاومة الوطنية المسلحة، “الحاجة إلى دعم أقوى للقوات اليمنية على الأرض”. ومع ذلك، لم تصبح تلك الحملة البرية المتجددة حقيقة واقعة لعدد من الأسباب: بشكل رئيسي بسبب التردد الأمريكي في توفير غطاء جوي منسق للقوات اليمنية، ولكن أيضاً لأن عملية “راف رايدر” أثبتت أنها أكثر صعوبة مما توقعت واشنطن وبسبب المخاوف السعودية من إعادة فتح “صندوق باندورا” الذي يهدد بانتقام الحوثيين على أراضيها. الآن، إسرائيل هي اللاعب الوحيد الذي لا يزال يضرب أهداف الحوثيين، وإن كان بشكل متقطع.
في ظل هذه الخلفية، يرسخ وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين ميزان القوى الذي شكلته هدنة عام 2022، على حساب المصالح الأمنية الأمريكية في المنطقة. يطيل المشهد الحالي الحصار الذي يفرضه الحوثيون على الموانئ الجنوبية، مما يؤدي إلى تآكل ما تبقى من القدرات المؤسسية للحكومة اليمنية، وخاصة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات — الذي ستكون قواته المكونة هي الأكثر قدرة عسكرياً على صد الحوثيين. في الآونة الأخيرة، ألحقت حرب إسرائيل ضد إيران أضراراً كبيرة بمنشآت تخزين الأسلحة والصناعات الدفاعية الإيرانية، مما يشير إلى أن الحوثيين سيتعين عليهم التعامل، على الأقل في المدى القصير، مع انخفاض الدعم العسكري من طهران. نظرياً، يفتح هذا الوضع نافذة فرصة ضيقة للقوات اليمنية — خاصة إذا تلقت دعماً من الشركاء الخارجيين الرئيسيين — لاستغلال هذا الضعف الحوثي المؤقت واستعادة بعض الأراضي من الجماعة. لكن ميزان القوى الحالي، الذي رسخه وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين، يعزز بدلاً من ذلك مراكز قوى متعددة ومتنافسة في المعسكر المناهض للحوثيين. هذا يتعارض مع إمكانية إنشاء جبهة متماسكة لإضعاف التهديد الحوثي بشكل كبير، مما يطيل أمد انعدام الأمن المحلي والإقليمي.
The post الرابحون والخاسرون من وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين appeared first on يمن مونيتور.