مصر: تصاعد الاحتجاجات في سجن بدر 3 ومحاولة انتحار جديدة
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

كشفت مصادر مطلعة عن تفاصيل مروعة لتصعيد الاحتجاجات داخل سجن بدر 3، خلال الساعات الماضية. في خطوة يائسة، أقدم  الخبير الاقتصادي عبد الله شحاتة، على إشعال النار في بطاطين زنزانته تعبيراً عن رفضه للظروف القاسية. وعلى إثر ذلك، تدخلت قوة أمنية بقيادة اللواء عمرو الدسوقي، مدير منطقة سجون بدر، وقامت بتجريده من جميع متعلقاته. هذا الإجراء دفع شحاتة إلى محاولة انتحار جديدة بابتلاع شريط كامل من الحبوب، ما استدعى نقله إلى المستشفى إذ قُيِّد إلى السرير وحُقِن بمادة مخدرة، في خطوة تثير تساؤلات جدية حول الرعاية الطبية المقدمة للسجناء السياسيين، طبقاً للمصادر الحقوقية. 

ولم تتوقف الإجراءات عند هذا الحد، فوفقاً للمصادر، أغلقت إدارة منطقة بدر وسجن بدر 3، في خطوة انتقامية واضحة، مجاري الصرف الصحي داخل قطاع 2، مما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة وتكاثر الحشرات جزءاً من عملية عقاب جماعي. وتفاقمت الأوضاع سوءاً بقطع المياه عن القطاع، باستثناء ساعة واحدة فقط في منتصف النهار، حيث تكون المياه شديدة السخونة وغير صالحة للاستخدام الآدمي. 

وأكدت المصادر الحقوقية أن "هذه الممارسات، التي ترقى إلى مستوى التعذيب والمعاملة اللاإنسانية"، تُنفذ تحت الإشراف المباشر لمسؤولين أمنيين بارزين عدّة، منهم العقيد مروان حماد (ضابط أمن الدولة)، المقدم أحمد فكري (ضابط الأمن الوطني)، العميد هيثم أبو مسلم (مفتش منطقة سجون بدر)، المقدم محمد حسن سوار (رئيس المباحث)، العقيد أحمد الخولي (مأمور سجن بدر)، والمقدم محمد حسام (نائب المأمور)، والطبيب محمد عبد الصمد (مشرف عيادة السجن).

وفي تصعيد خطير للتوترات داخل نظام السجون المصري، يواصل عشرات السجناء السياسيين في قطاع 2 بسجن بدر 3 إضرابهم عن الطعام واحتجاجاتهم المفتوحة على ظروف الاحتجاز المتردية، وذلك وسط تقارير متزايدة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. تتكشف هذه الأحداث في ظل تجاهل مستمر من إدارة السجون للمطالب المتزايدة بضمان الرعاية الصحية، والسماح بالزيارات العائلية، وتحسين الأوضاع المعيشية التي وصفتها منظمات حقوقية بأنها "لا إنسانية".

في سياق متصل، أعلنت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن رجل الأعمال البارز حسن مالك (67 عاماً)، المحتجز في بدر 3، قد رفض المثول أمام الدائرة الأولى إرهاب بمحكمة جنايات القاهرة السبت، في القضية رقم 2215 لسنة 2021 حصر أمن دولة عليا، ويشارك مالك العشرات من المعتقلين السياسيين في قطاع 2 بإضراب مستمر عن الطعام، احتجاجاً على "الظروف المأساوية" التي يواجهونها داخل ما تصفه المنظمات الحقوقية بـ"سجون الموت" المصرية.

وأعربت الشبكة المصرية، عن مخاوفها الجدية من العواقب الكارثية لاستمرار هذا الإضراب، خاصّة في ظل تدهور صحة عدد من المضربين وإصابتهم بأمراض خطيرة، ورفض إدارة السجن تقديم الرعاية الصحية اللازمة. ويُحرم المعتقلون من الزيارات لسنوات طويلة، في انتهاك صارخ للحقوق الدستورية والإنسانية، ويشار إلى أنّ حسن مالك معتقل منذ 22 أكتوبر/تشرين الأول 2015، وقد تعرض لظروف اعتقال قاسية وحرم من حقوقه الأساسية.

سجن بدر ... انتهاكات حقوقية لا تنتهي

وكانت منظمات حقوقية عدّة، قد أعادت نشر وتداول رسالة استغاثة أطلقها السجناء السياسيون في "قطاع 2" في سجن بدر 3، ، إذ أكّدوا أن أكثر من 50 معتقلاً يعيشون على "مشارف الموت البطيء"، وشدّدوا على أنهم يعيشون في عزلة تامة وانقطاع عن العالم الخارجي منذ أكثر من ثماني سنوات، مع حرمان كامل من الزيارة والرعاية الطبية والتواصل الإنساني. وجاء في بيان جرى تداوله على نطاقٍ واسع في منصات التواصل الاجتماعي: "قريباً ستجدون مكاناً يمكنكم فيه زيارتنا دون إذن أو منع... لكننا لن نرد عليكم! لأننا سنكون قد فارقنا الحياة التي يُصرّ النظام على فرضها علينا بالقوة والعنف"، وأكد المعتقلون أنهم يُعاملون "كأنهم هياكل عظمية"، محرومون من رؤية أهاليهم، ومنهم من تجاوز الثمانين عاماً، مشيرين إلى أن النظام المصري "يريد لنا أن نموت ببطء داخل هذا السجن المعزول".

يضم قطاع 2 بسجن بدر 3 عدداً من أبرز الشخصيات السياسية والوطنية المصرية، ما يضفي بعداً إضافياً على هذه الأزمة الإنسانية. من بينهم وزراء سابقون وأكاديميون ومحامون وبرلمانيون، على رأسهم محمد رفاعة الطهطاوي رئيس ديوان رئاسة الجمهورية الأسبق، وأسامة ياسين وزير الشباب الأسبق، وخالد الأزهري وزير القوى العاملة الأسبق، وأسعد الشيخة نائب رئيس ديوان رئاسة الجمهورية الأسبق، كما يضم السجن حسن مالك رجل الأعمال المعروف، وعصام سلطان المحامي ونائب رئيس حزب الوسط، ومحمد البلتاجي أستاذ بكلية الطب وعضو برلمان سابق. بالإضافة إلى هؤلاء، يُحتجز في السجن أمين الصيرفي سكرتير الرئيس الأسبق محمد مرسي، ومحمود غزلان أستاذ بكلية الزراعة وعضو مكتب الإرشاد، وأسامة مرسي المحامي ونجل الرئيس الراحل محمد مرسي، وسعد الحسيني محافظ كفر الشيخ الأسبق وعضو برلمان سابق. وتشمل القائمة أيضاً أحمد البيلي الطبيب ومحافظ دمياط الأسبق، وحسام أبو بكر أستاذ بكلية الهندسة ومحافظ القليوبية الأسبق، ومصطفى الغنيمي استشاري نساء وتوليد وعضو مكتب الإرشاد، وعبد الرحيم محمد أستاذ جراحة القلب، وصبحي صالح المحامي وعضو لجنتَي صياغة دستوري 2011 و2012، وأحمد أبو بركة أستاذ قانون وعضو البرلمان الأسبق، بالإضافة إلى آخرين من أصحاب الكفاءات والخبرات الوطنية.

سجن بدر 3، الذي افتتح في عام 2022 جزءاً من مجمع سجون بدر للإصلاح والتأهيل، يُروج له رسمياً على أنه يمثل "الوجه الجديد" لنظام السجون في مصر، ويهدف إلى توفير ظروف احتجاز إنسانية وفقاً للمعايير الدولية. ومع ذلك، تشير تقارير منظمات حقوقية دولية ومحلية إلى واقع مختلف تماماً. فمنذ افتتاحه، أصبح سجن بدر 3 بؤرة لانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، ما دفع بعض الحقوقيين إلى وصفه بأنه "مقبرة جديدة" للمعتقلين السياسيين.

وبحسب تقارير منظمة العفو الدولية و هيومن رايتس ووتش، بالإضافة إلى منظمات مصرية منها مبادرة الحرية والشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فإن سجن بدر 3 يتميز بالعديد من الانتهاكات الجسيمة، منها: الحرمان من الزيارات العائلية، والإهمال الطبي المتعمد، وظروف الاحتجاز القاسية: تشمل الحبس الانفرادي لفترات طويلة، وسوء التهوية، ونقص النظافة، وسوء التغذية. وقد ذكرت بعض التقارير استخدام كاميرات المراقبة الصوتية والمرئية داخل الزنازين على مدار 24 ساعة، مما يعد انتهاكاً لخصوصية السجناء. بخلاف التعذيب وسوء المعاملة، والحرمان من التواصل مع العالم الخارجي ما يزيد من عزلتهم ويؤثر على صحتهم النفسية.

وفي هذا السياق، حمّلت مؤسّسة عدالة لحقوق الإنسان، السلطات المصرية، المسؤولية الكاملة عن سلامة هؤلاء السياسيين، ودانت بأشد العبارات استمرار ما تصفه بـ"الجريمة المنظمة". وطالبت المؤسسة بـ"السماح الفوري بزيارات الأهالي. وتوفير الرعاية الطبية والنفسية للسجناء، وفتح السجون أمام لجان رقابة حقوقية محلية ودولية. ومحاسبة المسؤولين عن هذا الوضع اللاإنساني"، ودعت المؤسّسة كل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، إلى التحرك الفوري لوقف ما يُمارس بدم بارد، في تحدٍ صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية