
سبتمبر نت/ عميد ركن/ نجيب سعد الناصر:
رائد المسار الأمني هو القائد والعقل المدبر والخبير الأمني في المؤسسة الأمنية في زمن تتغير فيه ملامح التهديدات، وتتبدل فيه معادلات القوة بشكل متسارع، لم يعد الأمن مسؤولية تقليدية ولا وظيفة مكرورة بل صار علماً وقيادة واستراتيجية، وهنا يبرز مفهوم رائد المسار الأمني كأحد الأعمدة الفارقة في الفكر الشرطي والأمني المعاصر.
حيث يمثل البوصلة التي توجه الجميع في خضم الحوادث والمواقف والأزمات، فهو الخبير الأمني الحديث الذي يدمج بين أصالة التجربة وحداثة التفكير بين الواقع الميداني والتحليل التنبوي، وبين الحكمة المتراكمة والطموح في صناعة التغيير، وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار المستدام بكفاءة ومهنية عالية.
رائد المسار الأمني
هو الذي لا يكتفي بالتاريخ بل يصنع المستقبل ويبدع في اتخاذ القرارات وفق تخطيط واعٍ وعقل يقظ، بل هو رجل القيادة والميدان كما هو رجل الفكر الحديث يتقن فن إدارة الموارد، ويواكب التحول الرقمي، ويقود الفريق بروح الإدارة الاستراتيجية.
سمات رائد المسار الأمني
١- الخبرة المتراكمة والمتطورة لا تقاس بطول السنوات فقط، بل بعمق الاستيعاب وتحويل التجارب إلى دروس، والدروس إلى قرارات
٢- الذكاء التحليلي والاستراتيجي. يمتلك رائد المسار الأمني القدرة على تحويل كمّ هائل من المعلومات والبيانات إلى رؤى أمنية استباقية، ويتعامل مع المعلومة كأصل أمني لا يقدر بثمن، ويعتبر المعلومة أصلا وموردا من الموارد التي ترصد لها الإمكانيات اللازمة، كيف لا والمعلومة هي الروح التي تنبض في عقل قلب وجسد الجهاز الأمني، وبخروج الروح يصبح الجهاز الأمني ومقوماته جثة هامدة.
٣- المرونة والتكيف مع التحولات التكنولوجية والرقمية من خلال تطوير الخطط والبرامج والسياسات الأمنية وفق الواقع ومتغيراته حتى لا يصاب الجهاز الأمني بالجمود.
٤- القائد الملهم. رائد المسار الأمني يخلق بيئة من الثقة والانضباط، يدرب فريقه على التفكير لا التلقين، وعلى الجدية والشعور بالمسؤولية، ورفع مستوى الأداء لا الاتكال والتنصل من المسؤولية.
تحديث مستمر
مواكبة ما توصل إليه الفكر الشرطي الحديث أصبح اليوم ضرورة في ظل التطور الهائل والسريع في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وتطور الجريمة وأدوات ارتكابها ومتطلبات الوقاية منها، وتحقيق الأمن الشامل، وتوفير الشعور بالطمأنينة والسعادة لدى جميع أفراد المجتمع، بالإضافة إلى الاستثمار في رأس المال البشري والتكنولوجيا وحسن إدارة المعرفة والوقت، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال قائد رائد في المجال الأمني لديه خبرة ولديه إرادة ولديه قدرة على إتقان أدوات القيادة، ودراسة وتحليل المتغيرات البيئة المحيطة داخليا وخارجيا على مستوى المؤسسة الأمنية التي يقودها أو الظروف والمتغيرات المحلية على مستوى الدولة ككل أو على المستوى الإقليمي أو الدولي.
صناعة رائد المسار الأمني
يمكن اتباع عدد من الخطوات لصناعة رائد المسار الأمني، وذلك من خلال:
١- إعداد برامج تدريب أمنية متقدمة تهتم بتنمية الجانب المعرفي والمهاري والسلوكي وفق منهجية التعلم والتدريب الحديث، سواء ما يتعلق بتخطيط الاحتياجات التدريبية وتحديد الأولويات أو ما يتعلق بالتنفيذ، والذي يبدأ من اختيار المدرب المحترف، واعتماد المنهجية الحديثة في إعداد المادة التدريبية وتنفيذها، بالإضافة إلى توفير الوسائل التدريبية وتهيئة البيئة التدريبة، وأخيرا تقيم العملية بشكل شامل والحصول على التغذية الراجعة للتحسين والتطوير المستمر.
٢- بناء نظام معلومات أمني مركزي يسمح بتبادل البيانات بين الأجهزة والوحدات الأمنية في مختلف الظروف.
٣- ترسيخ ثقافة القيادة التشاركية وإشراك المجتمع في رسم السياسات الأمنية.
٤- توفير أدوات رقمية وميدانية حديثة مع تدريب مستمر على استخدامها بكفاءة.
٥- تطوير نظم تقييم دورية لقياس الجاهزية الأمنية وتحديث الخطط بشكل مستمر.
الخبير الأمني المعاصر
ليس الخبير من رأى كل شيء بل من فهم ما رآه وبنى عليه فكراً وعادله بتجربة وتشاركه مع فريقه ليصنع منظومة تعلم مستدامة، فكر الخبير لا ينبع من الرتبة بل من التحليل، ولا ينضج بالعمر فقط، بل بالوعي هو صانع الفارق في اللحظات الحرجة، وهو ذاكرة مؤسسية حية تحفظ التاريخ، وتوجه البوصلة في الأزمات، وتصنع الفارق.
كن رائدًا في مسارك
لا تكتف بأن تكون جزءاً من المؤسسة أو المنظومة الأمنية، بل كن من يقودها نحو التغيير والتحديث، لا تنتظر السنوات لتصبح خبيراً أمنياً، بل احرص على تنمية المعرفة، واكتساب المهارات، وكن صاحب إرادة، وامتلك أدوات التأثير، وواكب عملية التحديث والتطوير، وادرس وحلل المتغيرات البيئية، ثم أتقن مهارة اتخاذ القرار.
إن الريادة في المسار الأمني ليست وظيفة بل رسالة ليست مجرد لقب بل مسؤولية وقيادة.
الأثر الحقيقي لا يقاس بسنوات الخدمة، بل بما غرست من فكر وعي، وما صنعت من نماذج مهنية أحدثت فرقاً وغيرت واقعاً، وأسست لعمل مؤسسي مهني ومستدام.
ظهرت المقالة الفكر الشرطي الحديث.. كن رائد المسار الأمني أولاً على سبتمبر نت.أخبار ذات صلة.
